fbpx

الوجيز في تفسير كتاب الله العزيز – سورة الطارق

شارك هذا الدرس مع أحبائك

الشيخ رمزي شاتيلا تفسير سورة الطَّارِق بسم الله الرَّحمن الرَّحيم الحمد لله ربّ العالمين وصلَّى الله على سيدِنا محمَّد وعلى آلهِ وصَحبِهِ الطيّبين الطاهرين. سنتكلم إن شاء الله تعالى في تفسير سورة الطَّارِق. أعوذ بالله من الشيطان الرَّجيم بسم الله الرَّحمن الرَّحيم ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ﴾ هذا قَسَمٌ من الله عزَّ وجَلّ أقسَمَ الله بالسَّماء وأقسَمَ الله عزَّ وجَلَّ بالطَّارِق. السَّماءُ معروفة هي مَسكَنُ الملائكة، هي قِبلَةُ الدُّعاء والطَّارِقُ هو النَّجمُ، سُمِيَّ بذلك لأنهُ يَطلعُ ليلًا وكلُّ ما أتاكَ في اللّيل يُسَمّى طارِقًا. فقال الله عزَّ وجلَّ ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ﴾ ﴿وَمَا أَدرَاكَ مَا الطَّارِقُ﴾ أي ما أعلَمَكَ ما الطارِق وهذا الاستفهام يُرادُ به تعظيمُ شأنِ هذا النَّجم. ثمَ فَسَرَ الله عزَّ وجلَّ الطارِقَ بِقَولِهِ ﴿النَّجمُ الثَّاقِبُ﴾ أي النَّجمُ المـُضيء. ثم قالَ الله عزَّ و جلَّ ﴿إن كُلُّ نَفسٍ لَّمَّا عَلَيهَا حَافِظٌ﴾ أي ما كلُّ نفسٍ إلا عليها حافِظٌ من الملائكةِ يَحفَظُ عليها أعمالها كما قالَ الله عزَّ وجلَّ ﴿وإِنَّ عَلَيكُم لَحَافِظِين﴾ ﴿كِرَامًا كَاتِبِينَ﴾ ﴿يَعلَمُونَ مَا تَفعَلُون﴾. ثم قال الله عزَّ وجلَّ ﴿فَليَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِق﴾ أي فلينظُرِ الإنسانُ نَظَرَ اعتِبار من أيّ شىءٍ خَلَقَهُ الله عزَّ وجلَّ، فلينظُر نَظَرَ التَّفَكُر والاستِدلال لِيَعرِفَ أن الذي ابتدأهُ من نُطفَة قادِرٌ على إعادَتِه كما قال الله عزَّ وجلّ ﴿وهُوَ الّذِي يَبدَأُ الخَلقَ ثُمَ يُعِيدُه وهوَ أهونُ عَلَيه﴾ معناهُ هو هيّنٌ عليه سبحانه وتعالى لا يُعجِزُهُ شَىء . ﴿خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ﴾ أي من ماءِ ذي اندِفاق والمرادُ بالماءِ الدافقِ مَنِيُّ الرجُلِ والمرأةِ لما امتزجا في الرَّحمِ واتّحدا عَبَّرَ عنهُما بماءٍ وهو مُفرَد. ثم قال الله عزَّ وجلَّ ﴿يَخرُجُ مِن بَينِ الصُّلبِ وَالتَّرَائِبِ﴾ أي يَخرُجُ هذا الماءُ من بين الصُّلبِ أي عِظام الظهرِ للرَجُلِ والترائِبِ للمرأة. ﴿إِنَّهُ عَلَى رَجعِهِ لَقَادِرٌ﴾ أي إن الله على أن يُعيدَ الإنسان يومَ القِيامةِ لقادِرٌ لا يُعِجِزُهُ شيءٌ سُبحانَهُ وتعالى. ﴿يَومَ تُبلَى السَّرَائِرُ﴾ أي يومَ تُكشَفُ السَرائِر أي ضمائِرُ القلوبِ وهي ما أكنَّتهُ أي أخفَتهُ القلوبُ من العقائدِ والنَّيات وما أخفَتهُ الجَوارِحُ من الأعمال. ﴿فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ﴾ أي لا يكونُ للكافرِ يوم القيامةِ قُوةٌ تنفَعهُ ولا ناصرٌ يَدفَعُ عنه العذاب يومئذ. ثم قال الله عزَّ وجلَّ ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجعِ﴾ أي المطَرِ بعدَ المطَر. ﴿وَالأَرضِ ذَاتِ الصَّدعِ﴾ وهو ما تتصَدَعُ أي تتشَقَقُ عنه الأرضُ من النَّبات وجوابُ هذا القَسَم ﴿إِنَّهُ لَقَولٌ فَصلٌ﴾ إنهُ أي القرءان “لَقَولٌ فَصلٌ” أي يُفصَلٌ بهِ بين الحقّ والباطِل. ﴿وَمَا هُوَ بِالهَزلِ﴾ أي ما هو بالباطِلِ واللَّعِب أي إنَّ هذا القرءان جِدٌّ لم يَنزِل باللَعِب. ﴿إِنَّهُم يَكِيدُونَ كَيدًا﴾ أي إنّ كُفارَ مَكَةَ يَحتالونَ ويمكُرُونَ يُريدون إيذاء النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم. فقال الله عزَّ وجلَّ ﴿وَأَكِيدُ كَيدًا﴾ أي أُجازيهِم على كَيدِهِم. ﴿فمَهّلِ الكَافِرِينَ أَمهِلهُم رُوَيدًا﴾ أي انتظِر يا محمَّد عُقوبة هؤلاء الكافرين ولا تستَعجِل ذلك ﴿أَمهِلهُم رُوَيدًا﴾ أي قليلًا وقد أخَذَهُم الله عزَّ وجلَّ بِبَدرٍ. والله سُبحانَهُ وتَعالى أعلَمُ وأَحكَم.